في موقعه بالقرب من معبد خنوم في مدينة باسنا، جنوب محافظة الأقصر، يجلس الشاب ‘مصطفى أبو دوح’ على دكة خشبية، ممسكًا بأداة في يده اليمنى وقطعة نحاس صغيرة في اليسرى. يظهر تركيزه الشديد أثناء عمله على صناعة ‘الأختام’ الفريدة، والتي لا تتواجد إلا عنده في المحافظة، مما يجذب أنظار السياح والزوار.
يحتل ‘مصطفى’ مكانه في مدخل سوق القيسارية التراثي، حيث يضم السوق مجموعة من المحلات التي تبيع الملابس الصعيدية النسائية وعدد من الحرف والصناعات التراثية.
صانع الأختام
أوضح الشاب ‘مصطفى أبو دوح’، في حديثه مع ‘الأمل نيوز’، أنه ورث هذه المهنة عن آبائه وأجداده. ورغم حصوله على بكالوريوس في التجارة، إلا أنه تمسك بحرفته التي تعلمها منذ طفولته، حيث بدأ مشاهدتها وهو في الرابعة من عمره، بجوار جده الذي ساعده في إتقانها ليصبح بارعًا دون منازع.
التنعيم بالمبرد
وأشار مصطفى إلى أن هذه المهنة تتطلب دقة عالية ووقتًا طويلًا، لكنه يجد فيها متعته وشغفه، مما يمنعه من التخلي عنها، بل يحرص على توريثها لأبنائه وأحفاده في المستقبل.
ولفت مصطفى إلى الأدوات التي يستخدمها في عمله، والتي تشمل قطعة نحاس جاهزة، ملزمة خشبية، وقطعة خشب للتنعيم، ومبرد، وقلم، وحبارة. وشرح أنه يبدأ بإمساك قلم الحفر مع الملزمة من أجل تثبيت الختم والنقش عليه، ثم يقوم بتنعيم الختم باستخدام المبرد، حتى يبدأ بالنقش على اسم الزبون بالمقلوب، ليظهر الاسم بشكل صحيح ومرتب عند استخدام الختم.
أختام المأذون وبعض المؤسسات الحكومية
وأضاف مصطفى: “حاليًا، لا تعتبر هذه المهنة مربحة كما كانت في السابق، حيث تراجع الإقبال عليها بسبب التكنولوجيا الحديثة والتعليم المتزايد وانخفاض نسبة الأمية. المهنة الآن تتركز بشكل كبير بين كبار السن الذين لا يجيدون الكتابة، بالإضافة إلى المأذونين الشرعيين وبعض المؤسسات الحكومية التي لا تزال بحاجة للأختام.”
واختتم مصطفى حديثه بالإشارة إلى أن بعض السياح من دول مختلفة أقبلوا على شراء الأختام منه حين زاروا معبد خنوم بالقرب من موقع عمله، تعبيرًا عن انبهارهم بتلك الحرفة. وأبدى أمله في عدم اندثار هذه المهنة واستمرار الإقبال عليها في المستقبل.