عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى البنك الدولي، جلسة مباحثات موسعة مع أجاي بانجا، رئيس مجموعة البنك الدولي، بمشاركة عثمان ديون، نائب رئيس البنك لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وسيرجيو بيمنتا، نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية. وقد شهد اللقاء مناقشات مكثفة حول مستجدات أوجه التعاون بين جمهورية مصر العربية والبنك الدولي، أحد أكبر بنوك التنمية متعددة الأطراف.
أوجه التعاون بين جمهورية مصر العربية والبنك الدولي
في مستهل اللقاء، رحب رئيس مجموعة البنك الدولي بالدكتورة رانيا المشاط خلال مشاركتها في الاجتماعات السنوية للبنك في واشنطن. كما أشاد بالشراكة المستمرة والوثيقة مع مصر التي تعد واحدة من أكبر دول العمليات والدول الرائدة في الشراكة مع مجموعة البنك الدولي ومؤسساتها التابعة.
وأشاد رئيس مجموعة البنك الدولي، بما تقوم به الحكومة المصرية من إصلاحات متعددة لتحقيق التنمية ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية. كما تطرق إلى الخطوات البنّاءة التي تقوم بها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي لتدشين المنصات القائمة على ملكية الدولة، التي سيكون لها مردود إيجابي على تشجيع الاستثمار وتحفيز العمل المناخي، مثل منصة «نُوَفِّي» التي تعزز الاستثمار المناخي في مجالات التخفيف والتكيف، بالإضافة إلى منصة «حافز» لتمكين القطاع الخاص.
ومن جانبها، وجهت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الشكر لأجاي بانجا على دعمه للشراكة مع مصر، مشيرة إلى حرص الحكومة على دفع العلاقات المُشتركة مع البنك الدولي قدمًا من أجل تعزيز جهود التنمية، وسد فجوات تمويل التنمية، والاستفادة من الدعم الفني والدراسات التشخيصية، التي يتيحها البنك في مختلف القطاعات لدفع النمو وزيادة معدلات التنمية في ظل ما يمر به العالم ومنطقة الشرق الأوسط من تحديات جسيمة.
تحقيق النمو الاقتصادي المستدام
استعرضت الدكتورة رانيا المشاط، إطار عمل وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الذي يستهدف تحقيق النمو الاقتصادي المستدام، من خلال تصميم استراتيجية شاملة للتنمية الاقتصادية. وتستند هذه الاستراتيجية إلى سياسات مدعومة بالأدلة والبيانات، لمعالجة فجوات التنمية في القطاعات المختلفة، وحشد التمويلات المحلية والخارجية لتحقيق التنمية المستدامة. وذلك عبر إطارات وطنية متكاملة للتمويل، تُعزز تخصيص الموارد للقطاعات ذات الأولوية، وتحث استثمارات القطاع الخاص، وتسُرع وتيرة التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية. مؤكدةً حرص الوزارة على التعاون مع البنك للاستفادة من إمكاناته في تحليل البيانات وإعداد الدراسات لدفع معدلات النمو في مصر، وصياغة السياسات القائمة على الأدلة. كما طالبت البنك الدولي بتطوير نماذج النمو الاقتصادي القائمة على التنبؤ وتحليل البيانات لوضع سياسات اقتصادية تدفع النمو في الاقتصاديات الناشئة والنامية.
كما تناول الاجتماع الشراكة مع مؤسسة التمويل الدولية، والوكالة الدولية لضمان الاستثمار ‘ميجا’، لدعم جهود تمكين القطاع في مصر. وفي هذا الصدد، أشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي إلى أهمية خلق شراكات مبتكرة بين المؤسستين، والمؤسسات الدولية الأخرى في مصر، من أجل تعزيز جهود إتاحة الآليات التمويلية للقطاع الخاص.
لدعم جهود تمكين القطاع في مصر
خلال اللقاء، شددت الدكتورة رانيا المشاط على أن تحقيق تقدم على صعيد هيكلة النظام المالي العالمي يعد ضرورة ملحة لمواجهة تحديات التنمية والأزمات المتلاحقة التي تؤثر على العالم أجمع، وبشكل خاص الاقتصاديات الناشئة والنامية. وأكدت أن تطوير مجموعة البنك الدولي يعد أحد المحاور المهمة لتفعيل هيكلة النظام المالي العالمي، وأن الخطوات التي تم اتخاذها حتى الآن على مستوى إطلاق منصة للضمانات وإطلاق الصندوق الائتماني لمرفق المنح المخصصة لإعداد المشروعات، تُعد تطورات إيجابية في هذا الصدد، ويجب البناء عليها لتحقيق مزيد من التقدم.
وفيما يتعلق بمنصة الضمانات الموحدة التي أطلقتها مجموعة البنك الدولي، بحث الجانبان تنظيم ورشة عمل بمشاركة مختلف الجهات المعنية في مصر، من أجل التعريف بالمنصة وأهميتها والاستفادة من الأدوات التي تتيحها للقطاع الخاص.
إعادة هيكلة النظام المالي العالمي
أوضحت الدكتورة المشاط أن إعادة هيكلة النظام المالي العالمي، تتطلب ابتكار أدوات جديدة وغير تقليدية، على غرار تمويل سياسات التنمية، على سبيل المثال إصدار ضمانات لتحفيز سياسات التنمية. كما ناقشت جهود البنك في دعم إعادة هيكلة الديون في الدول النامية والأسواق الناشئة، موضحة أن المؤتمر الرابع لتمويل التنمية في إسبانيا يُعزز المناقشات الجارية حول هيكلة البنية المالية العالمية.
وناقش الجانبان المشروعات المستقبلية على مستوى تمويل سياسات التنمية، وحوكمة ملكية الدولة في الشركات المملوكة لها أو التي تساهم فيها. كما تم التطرق إلى برنامج سوق رأس المال المشترك J-CAP’ الذي تنفذه مؤسسة التمويل الدولية في 18 دولة حول العالم لمناقشة المحاور المقترحة للتعاون المشترك لتطوير سوق رأس المال في مصر.
وفي سياق آخر، تحدث رئيس البنك الدولي عن المجلس الاستشاري للوظائف الذي أطلقه البنك الدولي في أغسطس الماضي لوضع سياسات وبرامج قابلة للتنفيذ لتعزيز التشغيل ومواجهة نقص فرص العمل في بلدان الجنوب. وفي هذا السياق، أكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أهمية هذا المجلس وإمكانية تعزيز التعاون والتكامل مع المبادرات التي أطلقتها الوزارة في هذا الشأن مثل مبادرة شباب بلد.
كما أشارت الوزيرة إلى الشراكة مع البنك من خلال توفير الدعم الفني والتمويلات الميسرة لمشروعات المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي». وتناول الاجتماع أيضًا المباحثات الجارية حول الانتهاء من الاستراتيجية الوطنية للاستثمار الأجنبي المباشر التي يتم إعدادها مع الهيئة العامة للاستثمار والجهات المعنية، وكذلك استراتيجية الصناعة.
جدير بالذكر أن المحفظة الجارية بين مصر والبنك الدولي تضم 12 مشروعًا بتمويلات ميسرة قيمتها 5.5 مليار دولار في قطاعات متعددة مثل التعليم، والصحة، والنقل، والتضامن الاجتماعي، والإسكان، والصرف الصحي، والتنمية المحلية، وتعزيز القطاع الخاص، والمالية، والبيئة.