تشهد المنطقة العربية والعالم تحولات جيوسياسية متسارعة، تؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الاقتصادي. وفي ظل هذه التحديات المتزايدة، تسعى مصر جاهدة لتعزيز موقفها الاقتصادي وحماية مكتسباتها.

قال محمد محمود عبدالرحيم، باحث اقتصادي، إن تصاعد الأزمات في الشرق الأوسط يؤثر سلباً وبشكل مباشر على الاستقرار الاقتصادي، مما يستدعي اتخاذ إجراءات استثنائية لحماية المكتسبات الاقتصادية.

وأوضح في تصريح خاص لـ«الأمل نيوز» أن ضبط سعر الصرف والتوسع في توفير مصادر دولارية مستدامة أصبح أمراً لا مفر منه، وخاصة بعد التصاعد الأخير في الأحداث الذي أدى إلى انخفاض إيرادات قناة السويس بشكل مباشر، وهذه تعد من العناصر المؤثرة في إيرادات مصر الدولارية.

إطلاق منظومة جديدة «رقمية»

وأكد عبدالرحيم على ضرورة الاهتمام بالتصدير الصناعي ذي القيمة المضافة والمداخلات المحلية، بالإضافة إلى وضع إجراءات فعلية للحد من الاستيراد، وخصوصًا للسلع الرفاهية والسلع التي قد يوجد لها بديل محلي. وقد تم إطلاق منظومة جديدة «رقمية» لدعم الصادرات، وهو أمر مهم للغاية نحو تطوير الصناعة الوطنية وزيادة قيمة الصادرات المصرية.

وأشار إلى ضرورة دعم القطاع التصديري وفتح أسواق جديدة، بهدف تعزيز عائدات البلاد كجزء من التدفقات الدولارية. كما يجب تشجيع جميع أنواع الاستثمارات الأجنبية وضبط تدفقات الأموال الساخنة، وهو الأمر الأكثر أهمية، مشدداً على أن أسعار الطاقة تمثل مشكلة مزمنة هيكلية، ليس فقط للموازنة العامة في مصر، بل لدى العديد من الحكومات في العالم. إلا أن إدارة هذا الملف تختلف بناءً على السيطرة على نسب التضخم، وهو أمر يتطلب تنسيقًا تامًا بين السياسة النقدية والسياسة المالية. ويجب توفير احتياجات مصر من الطاقة والسلع الاستراتيجية بأفضل الأسعار الممكنة وكميات تكفي لتغطية احتياجات السوق المحلي لفترة معقولة، تحسباً لزيادة الأسعار عالميًا في حال تفاقم الصراع العسكري في الشرق الأوسط.

القطاع الخاص له دور استراتيجي

وفي السياق ذاته، أكد خالد إسماعيل، رئيس المنتدى العربي لتنمية الوعي الاقتصادي، أن القطاع الخاص يلعب دوراً استراتيجياً في إحداث التنمية الاقتصادية في مصر. فنجاح النمو الاقتصادي للدولة يعتمد بشكل كبير على مدى تنمية القطاع الخاص وقدرته على تحقيق مستوى دخل أفضل وتوفير فرص عمل، حيث يمثل هذا القطاع رافداً أساسياً للنمو والتطور.

وأوضح إسماعيل أن الدولة المصرية تعمل على تعزيز مساهمة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية، مؤكداً أن القطاع الخاص يجب أن يقود نسبة تفوق 70% من حجم الاقتصاد، مع التركيز على زيادة نسب الإنتاج والتصدير. مشيراً إلى أنه تم تنفيذ إصلاحات ضخمة منذ عام 2016، شملت استثمارات كبيرة في البنية التحتية وتعزيز دور المؤسسات الخاصة، بالإضافة إلى تسهيل الإجراءات من خلال قوانين الاستثمار. ومع انتهاء المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي وإطلاق المرحلة الثالثة، يتم العمل على تبني عدد من الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى تطوير بيئة الأعمال وتعزيز مستويات الحوكمة والنزاهة والشفافية.

وأشار المستشار الاقتصادي إلى أهمية دور القطاع الخاص في تحقيق مستهدفات التصدير وزيادة معدل نموه، كونه أحد الركائز الأساسية لتعزيز المتحصلات من العملة الصعبة، ودعم المنتج المحلي وتوفير فرص العمل، مما يساهم في تقليل البطالة. مع تحسين البيئة التصديرية، يمكن تحقيق نتائج ملموسة وزيادة القدرة التنافسية على المستوى الدولي.

كما شدد الباحث الاقتصادي على أهمية نمو عوائد القطاع السياحي في ضوء ما تمتلكه مصر من مقومات سياحية فريدة. ومن المتوقع أن تستهدف الاستراتيجية الاقتصادية المصرية 2025-2030 استقطاب 30 مليون سائح بحلول عام 2030، مع زيادة عدد الغرف الفندقية إلى 500 ألف غرفة. وأكد إسماعيل على ضرورة قيام القطاع الخاص بدوره المنوط به، مع التركيز على أهمية تطبيق السياسات المقررة على أرض الواقع والابتعاد عن البيروقراطية التي تعرقل تحقيق مستهدفات نمو الاقتصاد القومي.