د. شريف الدمرداش: توافر السلع مع إحجام المواطنين يشير إلى دخول مصر في مرحلة الركود التضخمي
أكد الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، أن مصر قد دخلت بالفعل مرحلة الركود التضخمي، حيث توافر السلع في الأسواق يقابله عدم قدرة المواطنين على شرائها، وهو ما يعد دليلاً على تفاقم الأزمة الاقتصادية.
وقال الدمرداش في تصريحات خاصة: “عندما تدخل الدول هذه المرحلة، فهذا معناه أن السياسات الاقتصادية والقرارات المتخذة كانت خاطئة.” مشيرًا إلى أن من الضروري أن تخرج الحكومة من المنافسة مع القطاع الخاص وتركز على دعم القطاع بدلاً من منافسته.
الركود التضخمي هو مصطلح اقتصادي يعكس سوء إدارة الاقتصاد، فهو السيناريو الأسوأ الذي تسعى الدول لتجنبه. فعندما يحدث، يترافق مع ارتفاع ملحوظ في الأسعار ومعدل بطالة مرتفع، في ظل نمو اقتصادي متباطئ.
وارتبط مصطلح الركود التضخمي مؤخراً بالارتفاع الحاد في أسعار الوقود والمحروقات، وهو ما لم يكن يتوقعه المواطنون في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. الرؤية المتفائلة التي سادت الشارع المصري لم تتنبأ بتأثير رفع الدعم عن الغاز والمحروقات، والذي يعد شرطًا أساسيًا من شروط صندوق النقد الدولي.
كان رفع الدعم الأخير، الذي تم إعلانه يوم الجمعة الماضية، هو الأكثر حدة هذه السنة، بزيادة بلغت 17%، وهي الزيادة الثالثة بعد 11% في يوليو و10% في أبريل، الأمر الذي دعا رئيس الجمهورية إلى المطالبة بمراجعة شروط التفاوض مع البنك الدولي لتخفيف الضغوط على المواطنين.
مصر في مرحلة الركود التضخمي
استفسرت “الأمل نيوز” من الدكتور شريف الدمرداش عن حقيقة الوضع الاقتصادي الحالي في مصر وما إذا كانت قد دخلت فعليًا في مرحلة الركود التضخمي. وأوضح أن الوضع الحالي يشير إلى ذلك، حيث تتوفر السلع في الأسواق ولكن الطلب عليها منخفض بسبب ارتفاع الأسعار، الذي لا يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين.
وشدد الدمرداش على أن الركود التضخمي هو أحد أسوأ الأزمات الاقتصادية، قائلًا: “السعر هو نقطة التوازن الحقيقية في العرض والطلب، لكن الركود التضخمي يخلق خللًا اقتصاديًا يضع الدولة في مأزق.” حيث أن علاج التضخم قد يزيد من الركود والعكس صحيح.
وأوضح أن من أسباب الركود التضخمي، ينخفض قيمة العملة المحلية في مقابل الدولار ويؤدي إلى تدني القيمة الشرائية. إلى جانب ذلك، تعتمد مصر على الاستيراد بشكل كبير، حيث تستورد أكثر من 80% من احتياجاتها الأساسية والمواد الأولية.
وأضاف: “الدولة ليست منتجة بشكل كافٍ ونضطر لاستيراد جميع السلع، مما يجعل توفير الدولار دائمًا أمرًا صعبًا.”
واستنتج الدمرداش أن مصر دخلت فعليًا في أزمة الركود التضخمي، مستشهدًا بتوافر السلع مع امتناع المواطن عن الشراء. على سبيل المثال، تتوفر أجهزة التكييف في الأسواق على الرغم من ارتفاع أسعارها، إلا أن المواطنين يعانون من عدم القدرة على الشراء.
أخطاء اقتصادية في مصر
حول أسباب الركود التضخمي، أشار الدمرداش إلى ارتكاب دولتين خطأين رئيسيين: الأول هو التعويم والثاني هو الاستدانة من صندوق النقد الدولي. وفي هذا السياق تساءل: “كيف يمكن لدولة تستورد أكثر من 80% من احتياجاتها بالدولار أن تخفض قيمة عملتها أمام الدولار؟” كما أضاف: “كيف نستدين من صندوق النقد الدولي لتمويل مشاريع لا تدر عائدًا؟”
كما اعتبر أن القروض كان يتوجب توجيهها نحو بناء استثمارات طويلة الأجل تؤدي إلى تحقيق اكتفاء ذاتي وتوفير عملة صعبة، وهو ما لم يتحقق بالفعل.
وأكد الدمرداش أن هناك حلين رئيسيين يجب على مصر اتخاذهم للخروج من هذه الأزمة، الأول هو التوقف عن المزيد من القروض للحفاظ على قيمة الجنيه الشرائية. والآخر هو أن تخرج الدولة من المشروعات الخاصة وتساعد القطاع الخاص بدلًا من منافسته.
توجه نحو الانفتاح الاقتصادي
وفي سياق متصل، أعرب الخبير الاقتصادي أحمد خطاب عن رأيه بأن مصر لم تدخل بعد في مرحلة الركود التضخمي. وأكد أن مصر كانت تسير نحو الانفتاح الاقتصادي، لكن تأثرت بالأزمات الاقتصادية العالمية، مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.
وأشار إلى أن انخفاض دخل قناة السويس والأحداث الأمنية في المنطقة كان لهما تأثير سلبي على الوضع الاقتصادي في مصر. ومع ذلك، أعرب عن تفاؤله بسبب الاستثمارات العربية المتزايدة في مصر، والتي قد تؤدي إلى تحفيز السوق الاقتصادي.
كما أشار إلى أهمية خروج الحكومة من الأنشطة الاقتصادية والاستثمار في المشاريع العملاقة، والعمل مع شركات أجنبية أو رجال أعمال مصريين. وأبرز أن توفير فرص استثمارية محفزة سيشجع رجال الأعمال المصريين على العودة للاستثمار في السوق المحلي، مما يؤدي إلى خلق فرص عمل وزيادة الإنتاج والنمو الاقتصادي.