أكد ياسر حسين، الخبير الاقتصادي، أن الاقتصاد المصري سيواجه تداعيات سلبية ملموسة نتيجة لاستمرار وتوسع النزاع القائم في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن هذه الظروف تجعل خيار الاستدانة أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة للدولة المصرية.
آثار توسع رقعة الحرب على مصر
وأوضح حسين أن التأثيرات السلبية المرتبطة بالصراعات الإقليمية تتجلى في عدة جوانب رئيسية، نذكر منها:
تراجع إيرادات قناة السويس
أولاً، أشار إلى تراجع إيرادات قناة السويس، التي تمر عبرها 12.5% من حركة الشحن العالمي، و30% من الحركة الخاصة بالحاويات. وقد تأثرت القناة نتيجة للتوترات القائمة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حيث تعرضت السفن المملوكة أو المُدارة من قبل إسرائيل للهجمات من قبل الحوثيين في اليمن. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تنخفض إيرادات قناة السويس بنسبة 40% خلال العام الجاري 2025، مما قد يكبد مصر خسارة تقدر بـ3.5 مليار دولار من العائدات الدولارية.
قطاع السياحة والسفر
ثانيًا، ذكرت التأثيرات السلبية على قطاع السياحة والسفر، الذي يُعد من أبرز المصادر للنقد الأجنبي في مصر، حيث يسهم بحوالي 12.5% من إجمالي الإيرادات الدولارية. تأتي تأثيرات النزاع القائم في غزة وحملة إسرائيل على إيران ولبنان لتؤدي إلى تراجع التعاقدات السياحية، خصوصًا تجاه مدن سيناء السياحية. ومع استمرار الصراعات، يتوقع أن تعزف الوفود الأجنبية عن زيارة منطقة الشرق الأوسط، ما يشكل ضررًا اقتصاديًا بالغًا على هذا القطاع الحيوي.
ارتفاع أسعار النفط والطاقة
ثالثًا، لفت إلى ارتفاع أسعار النفط والطاقة. تمثل منطقة الخليج حوالي 50% من سوق النفط العالمي، وتُعتبر إيران مسؤولة عن 10% من السوق ذاته و30% من سوق الغاز. ومع تصاعد التوترات، شهدت أسعار النفط ارتفاعًا قدره 10 دولارات في الأسبوع الماضي فقط، ومن المتوقع استمرار هذه الارتفاعات، مما يشكل ضغوطًا كبيرة على مصر في قطاع الوقود والطاقة، وهو ما يُعد تحديًا ناتجًا عن كون مصر مستوردًا للنفط.
ارتفاع أسعار الواردات
رابعًا، أشار إلى ارتفاع أسعار الواردات إلى مصر نتيجة لزيادة تكاليف الشحن والنقل والتأمين نتيجة الأوضاع الحالية. وقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل الحبوب والزيوت والمواد الغذائية، فضلاً عن ارتفاع أسعار الأدوية ومستلزمات الإنتاج. تواصل مصر مواجهتها لتضخم نتيجة للأزمات السابقة، ما قد يؤدي إلى ارتفاعات جديدة في الأسعار.
ضغوط الوافدين
خامسًا، أبرز الضغوط الناتجة عن توافد اللاجئين إلى مصر، حيث يُقدر عددهم بحوالي 15 مليون من دول مثل سوريا وليبيا واليمن والسودان والعراق وفلسطين ولبنان، بالإضافة إلى الوافدين من دول أفريقية أخرى. سيؤدي استمرار النزاعات إلى زيادة هذه الأعداد، مما يشكل ضغطًا كبيرًا على موارد الدولة وقدراتها في توفير الغذاء والدواء والطاقة.
تأثر قواعد الإنتاج
سادسًا، أشار إلى تأثر قواعد الإنتاج، حيث قد يؤدي استمرار النزاع إلى تأثير سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الواردات، مما يزيد من تكاليف الخامات والمعدات وقطع الغيار. وهذا قد يؤدي إلى خلل في الإنتاج وارتفاع أسعار المنتجات النهائية، ما يؤثر على حركة التجارة والصناعة في مصر.
تحرك أسعار الذهب
سابعًا، أكد على ارتفاع أسعار الذهب، حيث شهدت ارتفاعات ملحوظة جراء اندفاع المستثمرين نحو شراء الذهب كملاذ آمن في ظل عدم الاستقرار. وتتوقع التحليلات وصول سعر الأونصة عالميًا إلى 3000 دولار بنهاية عام 2025، مع احتمال زيادة الأسعار بشكل أكبر إذا استمرت النزاعات.
تأثر الاستثمارات الأجنبية
ثامنًا، من المتوقع أن تؤثر الصراعات على الاستثمارات الأجنبية في مصر، حيث قد تتجه الاستثمارات نحو مناطق أكثر استقرارًا، مما قد يؤدي إلى احتمال خروج استثمارات أذون الخزانة من مصر التي تقدر بـ32 مليار دولار، وبالتالي يعود خطر نقص السيولة الدولارية.
ضغوط على الموازنة
تاسعًا، أوضح حسين أن انخفاض الإيرادات الدولارية وزيادة تكاليف الواردات سيؤثران سلبًا على الموازنة العامة لمصر، مما يزيد من الضغوط والعجز المالي.
تأثر الدين الداخلي والخارجي
عاشرًا، أكد على أن استمرار النزاعات سيزيد من الضغوط الاقتصادية على الدولة، مما يزيد من العجز في الموازنة العامة ويؤثر على الدين الداخلي والخارجي.
وختم الخبير الاقتصادي بالتأكيد على أن كل هذه الضغوط تدفع الدولة نحو خيار الاستدانة الداخلية والخارجية كوسيلة للتعامل مع عجز الموازنة وتلبية احتياجاتها الاقتصادية في ظل الظروف الحالية.