أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي، الشيخ أحمد بن طالب بن حميد، في خطبة الجمعة، جموع المصلين بتقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلن، وضرورة الإكثار من ذكره، مشيراً إلى أن للقلوب زكاة ونماءً، شبيهة بنماء الأبدان. وأضاف أن من يتجنب نواقض الشرك وينقي قلبه من شوائب البدع والذنوب، فقد أفلح وتزكى. وفي هذا الصدد، ذكر قول الله تعالى: “وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا”.

الناس يوم القيامة صنفان

كما تناول الشيخ بن حميد مكانة القلب في الجسد، حيث أكد أنه يشغل فكر العبد في طاعة ربه وإخلاص العمل والعبادة. وأوضح أن صلاح القلب يصلح معه جميع الأعمال، بينما فساد القلب يؤدي إلى خيبة في سائر الأعمال.

وأشار فضيلته إلى صنفين من الناس يوم القيامة: أهل الجريمة والتدسية، وأهل الفلاح والتزكية، لافتاً إلى أهمية القول الإلهي: “ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبداً ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم”.

وفي سياق متصل، أفاد الشيخ أحمد بن طالب بن حميد بأن العروة الوثقى والوسيلة العظمى هي توحيد المحبة والخضوع، والصلاة الخاشعة، وذكر الله الدائم. وأوضح أن القلب إذا امتلأ بشيء، فإنه يضيق عن غيره، مشيراً إلى أن القلوب هي أوعية الله في الأرض، وأحبها إليه أرقها وأصفاها.

كما أضاف أن القلب لا يتسع للشيء وضده، مشيراً إلى أن من ترك المأمور شغل بالمحظور، مستشهداً بحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذي قال: “مَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ”.

وواصل الشيخ بن حميد حديثه عن بشائر من أقبل بقلبه نحو ربه، حيث أكد أن قلوب العباد ستقبل على المحبة والود. وأعطى مثالاً من السلف، حيث قال: “ما أقبل عبد على الله بقلبه إلا أقبل الله عز وجل بقلوب المؤمنين إليه”.

في ختام خطبته، ذكر فضيلته أن القلب هو ملك الجوارح وسلطانه، فبصلاحه تصلح سائر الجوارح، ونبه إلى أهمية تعاهد القلب ورضا الله، موضحاً أن هذا هو مقصود الأعمال ومعقود الآمال. وأكد أن تحلية اللسان بذكر الله وتوجه الجوارح لطاعته يؤدي إلى الدخول في حب الإيمان، مما يجعل الخروج من الإيمان أكرهه إلى القلوب من الإلقاء في النار.