دعت المملكة العربية السعودية الدول العربية إلى تعزيز مبادراتها لاستصلاح الأراضي ومواجهة ظاهرة الجفاف، وذلك خلال أسبوع من الاجتماعات الوزارية التي استضافتها مدينة جدة بمشاركة عدد من الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويأتي هذا الحدث متزامنًا مع الجهود التي تبذلها رئاسة مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر “كوب 16” القادم، ومساعيها الرامية لتكثيف المشاركة الدولية في مجالات مواجهة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف، وذلك قبل انطلاق فعاليات هذا المؤتمر العالمي الكبير الذي سيقام في العاصمة الرياض في ديسمبر المقبل.
وأوضح وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة، مستشار رئيس “كوب 16” في الرياض، الدكتور أسامة فقيها، أن “كوب 16” بالرياض سيكون أكبر مؤتمر مرتبط باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر منذ توقيعها قبل ثلاثين عامًا، بالإضافة إلى كونه المؤتمر الأول الذي يُعقد في منطقة الشرق الأوسط. وأضاف: “نعتبره منصة مثالية وفرصة سانحة لسماع أصوات الدول العربية، ومناقشة القضايا الملحة المتعلقة بتدهور الأراضي والتصحر والجفاف”.
مواجهة الجفاف واستصلاح الأراضي
وأضاف: “إن منطقتنا العربية تواجه تحديات بيئية بالغة الخطورة، ومن بينها الجفاف والعواصف الرملية والترابية، مما أدى إلى معاناة شديدة للسكان نتيجة تراجع إنتاج المحاصيل الزراعية، وندرة المياه، وفقدان التنوع البيولوجي. سنوجه دعوةً لجميع الأطراف المشاركة في “كوب 16″ بالرياض، للتكاتف ضمن نهج موحد من العمل الدولي الجاد لمواجهة هذه القضايا، والتي تؤثر بشكل كبير على منطقتنا والعالم”.
وقد عُقدت مجموعة من الاجتماعات الرئيسية هذا الأسبوع في جدة لمناقشة التحديات البيئية الإقليمية، بما في ذلك الدورة الخامسة والثلاثون لمجلس وزراء البيئة العرب، بحضور وفود حكومية تمثل 22 دولة في المنطقة. كما استضافت المملكة الاجتماع الوزاري الأول لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر، حيث تم التعهد بزراعة 50 مليار شجرة في جميع أنحاء المنطقة، على أن تُزرع 10 مليارات شجرة منها في المملكة.
ويهدف مشروع مبادرة الشرق الأوسط الأخضر إلى استصلاح 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، لتسهم المنطقة لوحدها في تحقيق 5% من الأهداف العالمية للتشجير.
وفي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو “كوب 16” القادم، ألقى الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو، كلمة أمام الحضور، تناول فيها التأثيرات السلبية للجفاف وتدهور الأراضي في المنطقة، داعيًا الحكومات والشركات والمجتمعات إلى ضخ المزيد من الاستثمارات لدعم مبادرات استصلاح الأراضي ومواجهة الجفاف.
تجدر الإشارة إلى أن 3.2 مليارات شخص حول العالم يتأثرون بتدهور الأراضي، وفقًا للدراسات التي أجرتها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، حيث يستقبل الغلاف الجوي كل عام ملياري طن من الرمال والغبار، وهو ما يعادل 350 هرمًا بحجم أهرام الجيزة. ويُعزى 25% من هذه المشكلة إلى الأنشطة البشرية. ويسعى “كوب 16” بالرياض إلى حشد الحكومات والشركات والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات المالية لتسريع العمل وتضافر الجهود لإطلاق المبادرات الهادفة إلى استصلاح الأراضي ومواجهة ظواهر الجفاف والعواصف الرملية والترابية وحقوق ملكية الأراضي.
وفي ختام جلسة الاجتماعات، تمت دعوة الأمانة الفنية والدول العربية إلى تعزيز التعاون مع مكتب تنسيق المبادرة العالمية لمجموعة العشرين للحد من تدهور الأراضي والحفاظ على الموائل البرية، الذي تستضيفه أمانة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. كما تم الدعوة للدول والمنظمات ذات الصلة للمشاركة في فعالية الاستثمار المدرجة ضمن جدول أعمال “كوب 16″، والتي ستسلط الضوء على إطار استثماري إقليمي يدمج استعادة النظم البيئية للأراضي مع حلول التنمية المستدامة.
وطُلب من الدول والمنظمات العربية المشاركة بفاعلية في “كوب 16” بالرياض، مع دعوة الدول العربية لتقديم كافة سبل الدعم اللازمة لإنجاح هذه الدورة، والضرورة الملحة للمشاركة الفعالة في اجتماعات المجموعة العربية التي تعقد يوميًا خلال المؤتمر. أوصت اللجنة الفنية في اجتماعها الخامس والعشرين بإعلان مدينة الرياض عاصمة للبيئة العربية لمدة عامين، ابتداءً من صدور القرار.