في خطوة مهمة ذات دلالات اقتصادية كبيرة، يُنتظر أن تعقد لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، برئاسة المحافظ حسن عبد الله، اجتماعها السابع لهذا العام في الساعات القليلة المقبلة لتحديد مصير أسعار الفائدة في البلاد.
تحظى هذه القمة بترقب واسع النطاق نظرًا لأهميتها في توجيه السياسة النقدية والاقتصادية في مصر، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
الوضع الحالي لأسعار الفائدة في مصر
تُعتبر أسعار الفائدة في البنوك المصرية من أهم الأحداث الاقتصادية التي تؤثر بشكل كبير على المشهد المالي.
في الاجتماعات الستة السابقة للجنة السياسات النقدية، قام البنك المركزي المصري بتثبيت أسعار الفائدة ثلاث مرات متتالية. وبذلك، استقر سعر العائد على الإيداع عند 27.25%، بينما وصل سعر الفائدة على الإقراض لليلة واحدة إلى 27.75%. كما بلغ سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي 28.25%، وتم تسجيل أسعار الائتمان والخصم عند 27.75%.
تأثير التوترات الاقتصادية الإقليمية
تشهد المنطقة الاقتصادية اضطرابات كبيرة نتيجة للتوترات الجيوسياسية، لاسيما مع تصاعد الصراع الإسرائيلي وتأثيره على الاقتصاديات المجاورة بما فيها مصر. كما تشير التقارير الحكومية إلى أن هذه التوترات تلقي بظلالها على حركة التجارة الدولية، مع تراجع عوائد قناة السويس وحركة التجارة في البحر الأحمر. هذه العوامل، إلى جانب التحديات الداخلية، تزيد من الضغط على الأسعار والدورة الاقتصادية، مما يجعل اتخاذ قرارات حاسمة من قبل البنك المركزي بالتعاون مع الحكومة أمرًا ملحًا.
ارتفاع الاحتياطي النقدي
على الرغم من التحديات الاقتصادية، شهد الاحتياطي النقدي لمصر ارتفاعًا طفيفًا بقيمة 140 مليون دولار خلال شهر سبتمبر الماضي، ليصل إلى 46.74 مليار دولار، مقارنة بـ46.6 مليار دولار في أغسطس. ورغم هذا التحسن المحدود، تبقى أمام الاقتصاد المصري تحديات مرتبطة بارتفاع معدلات التضخم.
التضخم والتحديات الاقتصادية
لا يزال التضخم في مصر مستمرًا في الارتفاع، وإن كان بشكل طفيف. فقد سجل التضخم الشهري ارتفاعًا بنسبة 1.1% في سبتمبر، مقارنة بـ0.9% في أغسطس. وعلى أساس سنوي، استقرت معدلات التضخم عند 25% في سبتمبر بعد أن كانت 25.1% في أغسطس. هذا التضخم المستمر يُشكل تحديًا للحكومة وسلطات النقد، حيث يتطلب جهودًا إضافية لتحسين الوضع الاقتصادي وتخفيف الأعباء عن المواطنين، خاصةً في ظل التصريحات الحكومية عن اتخاذ إجراءات مشددة لتصحيح المسار الاقتصادي.
تأكيد رئيس الوزراء على التحركات الاقتصادية
أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة تتجه نحو اتخاذ تدابير اقتصادية قوية لتأمين احتياجات البلاد، بما في ذلك التحضير لوضع اقتصاد “الحرب” في حال استمرت التوترات الإقليمية. وشدد مدبولي على ضرورة ضمان توفر الوقود والسلع الأساسية للسكان في ظل استمرار تداعيات الأزمات العالمية.
التوقعات بشأن اجتماع البنك المركزي
تسود توقعات متعددة في الأوساط الاقتصادية بشأن قرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة. يعتقد البعض أن هناك احتمالية كبيرة لتثبيت أسعار الفائدة للمرة الرابعة على التوالي، نظرًا للظروف الاقتصادية الراهنة. وقد يعتبر البعض أن إلغاء الاجتماع اليوم يمكن أن يكون بمثابة تأكيد لتثبيت الفائدة. من جهة أخرى، يشير بعض الخبراء إلى أن مصر قد تحتاج إلى جذب استثمارات خارجية، وخاصة من الأموال الساخنة، رغم التصريحات السابقة التي أكدت عدم الاعتماد على هذه الأموال كمصدر رئيسي للتمويل. ومع ذلك، فإن التذبذب في سعر العملة الأجنبية، بما في ذلك الدولار الذي شهد ارتفاعًا بنحو 40 قرشًا في المتوسط خلال اليومين الماضيين، قد يجعل الحاجة إلى هذه الأموال أكثر إلحاحًا.
رفع الفائدة أم خفضها؟
تتباين الآراء بشأن الخطوة المقبلة للبنك المركزي. يرى بعض المحللين أن رفع الفائدة في الوقت الحالي لن يكون فعالًا في كبح التضخم، خاصة في ظل خطوات الحكومة لطرح سندات محلية ودولية تستهدف جذب المستثمرين من خلال تقديم أسعار فائدة تنافسية.
في المقابل، يعتقد آخرون أن الاحتمال الأقرب هو خفض أسعار الفائدة بشكل طفيف يتراوح بين 0.5% إلى 1%. هذا الخفض قد يساهم في تحفيز الاقتراض من البنوك، مما يعزز من دوران عجلة الاقتصاد ويخلق فرص عمل جديدة، وبالتالي قد يساعد في تخفيف معدلات التضخم.