سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء الضوء على تقرير وكالة “موديز” (Moody’s) الذي يحمل عنوان “تقاسم تكاليف الاستثمار المناخي مع القطاع الخاص يمكن أن يُخفف من تأثير الائتمان”.
وأشار التقرير إلى أن الاستثمارات في مجال البيئة لا تزال أقل بكثير من الاحتياجات الضرورية لتحقيق هدف الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية على مستوى العالم بحلول عام 2050. كما أكدت الوكالة أهمية تقاسم الاستثمارات والديون المرتبطة بحماية البيئة مع القطاع الخاص.
330 مليار دولار حجم الاستثمار سنويًّا في المناخ
وأوضح التقرير أن تحقيق صافي الانبعاثات الصفري يتطلب من الدول استثمار مبالغ كبيرة في التخفيف من آثار تغير المناخ وإزالة الكربون من اقتصاداتها. بالإضافة إلى ذلك، سيكون الاستثمار في التكيف مع تغير المناخ ضروريًا لحماية البنية التحتية والمجتمعات المحلية من تأثيراته.
وأشار التقرير إلى أن التقديرات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية تُظهر أن الاستثمار في الطاقة النظيفة قد شهد زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة، إلا أنه لا يزال بعيدًا عن المبالغ المطلوبة لتحقيق صافي الانبعاثات الصفري على مستوى العالم بحلول عام 2050، حيث بلغ إجمالي الاستثمار العالمي في هذا المجال بمعدلات لم تحقق الأهداف المرجوة.
أشار التقرير إلى أن الاستثمارات المخصصة للتكيف مع آثار تغير المناخ لا تفي بالمتطلبات اللازمة، حيث تقدر الاستثمارات المناخية بحوالي 330 مليار دولار سنويًا.
ولفت التقرير الانتباه إلى وجود تباين كبير في الاستثمارات المناخية على مستوى المناطق، حيث تُعتبر فجوة الاستثمار في التخفيف من آثار تغير المناخ الأكبر في إفريقيا والشرق الأوسط، حيث تصل إلى حوالي 4% من الناتج المحلي الإجمالي. بينما في الدول المتقدمة مثل تلك الموجودة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصين، تكون فجوات الاستثمار في هذا المجال أقل، حيث تتراوح بين 0.5% إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي المتوقع لعام 2030، مما يعكس زيادة الإنفاق حتى الآن وتباطؤ النمو في الطلب على الطاقة في العقود القادمة.
أعباء الاستثمار في المناخ
أما بالنسبة للتكيف، فإن فجوة الاستثمار كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي تكون الأكبر في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا، حيث تصل إلى حوالي 1% من الناتج المحلي الإجمالي. كما أن احتياجات الاستثمار في التكيف مع تغير المناخ تميل إلى أن تكون أعلى في الدول الناشئة مقارنة بالدول المتقدمة، ويتوافق هذا بشكل عام مع الأبحاث التي أجراها صندوق النقد الدولي.
أوضح مركز معلومات الوزراء أنه وفقًا للتقرير، يمكن تقليل التأثير على القوة المالية للحكومات من خلال تقاسم العبء مع القطاع الخاص فيما يتعلق بالاستثمارات المناخية، حيث ستتحمل الشركات الخاصة جزءًا من أعباء الاستثمار في المناخ، بما في ذلك الديون المرتبطة بذلك على ميزانياتها العمومية. يُذكر أن حوالي نصف الاستثمارات في هذا المجال تأتي حاليًا من القطاع الخاص، بينما يمثل القطاع العام (الحكومات) النصف الآخر.
وبافتراض أن القطاع الخاص يتحمل نحو نصف فجوة الاستثمار في ميزانيته، فمن المتوقع أن يرتفع الإنفاق الحكومي عالميًا بمعدل حوالي 0.9% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا حتى عام 2030.
وأشار التقرير إلى أن حكومات الأسواق الناشئة قد تكون أقل قدرة على تقاسم تكاليف الاستثمار في المناخ مع القطاع الخاص مقارنة بنظيراتها في الاقتصادات المتقدمة، حيث تتمتع الأسواق الناشئة عمومًا بقدرات مؤسسية محدودة، وقد يكون هيكلها التنظيمي أقل استقرارًا، مما يعيق تطوير الأسواق المالية وقدرة الشركات الخاصة على الوصول إلى التمويل.
أوضح التقرير أن تسعير الكربون يمكن أن يعزز كفاءة الطاقة من خلال تحفيز مجموعة متنوعة من السلوكيات التي تهدف إلى تقليل استهلاك الطاقة والانتقال إلى مصادر الوقود منخفضة الكربون. كما يمكن أن يشجع هذا النظام القطاع الخاص على الابتكار واعتماد تقنيات جديدة منخفضة الكربون، خاصة إذا تم تحديد مسار واضح وموثوق لزيادة الأسعار. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يسهم تسعير الكربون في زيادة إيرادات الحكومة بشكل كبير من خلال تطبيق ضرائب على الكربون أو أنظمة تداول الانبعاثات، مما يتيح استخدام هذه الإيرادات لتمويل استثمارات مناخية أخرى.
مبادرات تسعير الكربون
تجدر الإشارة إلى أن مبادرات تسعير الكربون تمتد حاليًا إلى العديد من الدول المتقدمة والنامية، مثل الصين وإندونيسيا والمكسيك وجنوب إفريقيا. ووفقًا لأبحاث صندوق النقد الدولي، فإن متوسط أسعار الكربون يبلغ حوالي 20 دولارًا للطن، مما يغطي ربع الانبعاثات العالمية فقط. كما يشير البنك الدولي إلى أن نطاق تسعير الكربون لا يصل إلى المستوى المطلوب لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية.
وأكد التقرير على فعالية أسلوب التمويل المختلط، الذي يعد نهجًا هيكليًا يستخدم تمويل التنمية لتقليل المخاطر على المستثمرين من القطاع الخاص، ولديه القدرة على جذب رأس المال الخاص للاستثمار.
أضاف التقرير أن التمويل المناخي الذي توفره مثل هذه الحلول كان متواضعًا حتى الآن؛ حيث بلغ متوسطه نحو 8 مليار دولار سنويًا خلال الفترة 2014 – 2025، وسلط صناع السياسات الضوء على إمكانية توسيع نطاق حلول التمويل المختلط وتقاسم المخاطر بدعم من بنوك التنمية المتعددة الأطراف.
وفي السياق ذاته، يمكن للحكومات خفض إعانات الوقود الأحفوري، فوفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي، تتراوح إعانات الوقود الأحفوري الصريحة من 0.5% إلى 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا في الصين والهند وإندونيسيا وجنوب إفريقيا والمكسيك. ومع ذلك، قد تتردد الحكومات في إلغاء إعانات الوقود الأحفوري وجعل تسعير الكربون أكثر شمولًا بسبب خطر معارضة تلك السياسات من قِبل المواطنين.
إعانات الوقود الأحفوري
وأشار التقرير في ختامه إلى أن استخدام سياسات تسعير الكربون من شأنه أن يقلل بشكل كبير من النفقات المالية اللازمة للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري بحلول عام 2050. كما أكد أن الاستثمار النظيف المبكر والمنسق عالميًّا من شأنه أن يخفض خسائر الدخل المرتبطة بتغير المناخ إلى النصف تقريبًا في ظل سيناريو الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري، مقارنة بسيناريو لا يتم فيه سوى الحفاظ على السياسات المُنفذة حاليًّا.