تلقت دار الإفتاء المصرية استفسارًا حول حكم الشرع في زيارة قبور الأنبياء والصالحين، وذلك من خلال صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.

أفادت دار الإفتاء المصرية بأن السفر لزيارة قبر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بالإضافة إلى قبور الأنبياء والصالحين والأقارب، يُعتبر من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلى الله تعالى. وأكدت على أن مشروعيتها محل إجماع بين علماء الأمة، مشيرةً إلى أن القول بتحريمها هو قول باطل لا يُعتمد عليه.

في إطار الرد، أضافت دار الإفتاء أن السفر لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأنبياء والأولياء يُعد من أسمى الأعمال وأفضل القربات، وهو ما يستند عليه إجماع العلماء. وقد ألَّف العديد من أهل العلم في مشروعية هذا الأمر، منهم التقي السبكي في كتابه “شفاء السقام في زيارة خير الأنام”، وابن حجر الهيتمي في “الجوهر المنظّم في زيارة القبر النبوي المكرم”، وتلميذه الفاكهي في “حسن الاستشارة في آداب الزيارة”.

وتابعت دار الإفتاء بالإشارة إلى أن الأدلة على مشروعية الزيارة، بما في ذلك السفر إليها، تتضمن قول الله عز وجل: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 64]. هذه الآية تعد عامة، تشمل حالة الحياة وحالة الوفاة، فضلاً عن السفر وعدمه، إذ لا يقبل تخصيصها بحالة معينة بلا دليل، والعموم مستفاد من دخول الفعل في سياق الشرط، حيث تكون النكرة في سياق النفي أو الشرط دالة على العموم.

وأشارت دار الإفتاء إلى وجود العديد من الأحاديث النبوية التي تدل على فضل زيارة النبي، ومنها ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي»، كما رواه الدارقطني. وفي رواية أخرى: «مَنْ جَاءَنِي زَائِرًا لَا يَعْلَمُهُ حَاجَةً إِلَّا زِيَارَتِي كَانَ حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أَكُونَ لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، رواه الطبراني. وهذه الأحاديث تتقوى بطرق عدة وصححها عدد من الحفاظ مثل ابن خزيمة وابن السكن والقاضي عياض والتقي السبكي وغيرهم.

وفي ختام بيانها، أكدت دار الإفتاء أن الادعاء بأن نية السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين هو بدعة، وأن هذه الزيارة غير شرعية، هو كلام مبتدع لا يُعتمد عليه ولا يستند إلى دليل صحيح. وأوضحت أن هذا الرأي يخالف ما تتابعت عليه الأمة سلفًا وخلفًا من تعظيم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأن حرمة النبي في الحياة البرزخية توازي حرمته في الحياة الدنيوية.