• اقتصاد الحرب.. واقع أم تهديد غير موفق؟

• رسالة للداخل تتعارض مع الاستثمار

• أوكرانيا وإسرائيل دول حرب لكن وضعهم الاقتصادي أفضل منا

• المواطن مشغول ويُركز مع دعم السلع فيما تقسو الدولة على دعم الخدمات

• إعلان الدولة اقتصاد الحرب بلا حرب ترويع للمواطن

• خبير: لا بد أن يعي المسئول صدى تصريحاته وتأثيرها ويجب أن يكون سياسيًا

في الفترة الأخيرة، شغل مصطلح “اقتصاد الحرب” الحراك الاجتماعي في مصر، حيث أثار العديد من التساؤلات حول دوافع الدكتور مصطفى مدبولي لاستحضار هذا المفهوم، والذي يعود إلى ذاكرة المصريين في وقت حرب 1973، عندما كانت البلاد تخوض صراعاً وجودياً ضد العدوان الإسرائيلي لاسترداد الأرض والكرامة. في ذلك الوقت، كان الدعم الشعبي واسعاً بشأن السياسات التقشفية التي تعززت بفعل شروط الحرب.

وفي تحليل المعنى السياسي لمصطلح “اقتصاد الحرب”، يتضح أنه يشير إلى تحول الاقتصاد الوطني كليًا أو جزئيًا لتلبية احتياجات المجهود الحربي، وذلك من خلال إنشاء سياسات متعلقة بالضرائب ودعم الصناعات المحلية عبر إبعاد الاعتماد على المنتجات المستوردة.

ومع ذلك، تطرح تساؤلات حول ما إذا كان الإعلان عن “اقتصاد الحرب” يشير إلى احتمال دخول مصر في صراع غير معلن، أو حتى الاستعداد لسيناريوهات اقتصادية صعبة، كما علق محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء، في تصريحاته التلفزيونية.

وفي تصريحات خاصة لـ”الأمل نيوز”، أكد الخبير الاقتصادي وائل النحاس أن وجود مصطلح “اقتصاد الحرب” في حديث الحكومة يتعارض مع الجهود الرامية لجذب الاستثمارات. إذ أن السلطة المصرية وضعت الاستثمار كأولوية قصوى، وأحدث الأمثلة على ذلك كانت الاتفاقية الضخمة للاستثمار الإماراتي في رأس الحكمة.

وأشار النحاس إلى أن هذه التصريحات تبعث برسالة للمستثمرين مفادها “احذروا المجيء إلى مصر”. من وجهة نظره، فإن الحكومة تسعى لتهيئة الرأي العام لإجراءات تقشفية متزايدة تحت غطاء اقتصاد الحرب، في حين ترفض الشعوب تلك السياسات لأنها لا تعكس واقعًا حقيقيًا لتحركات الحرب.

وبشأن الوضع الاقتصادي للدول التي تخوض حروبًا، مثل أوكرانيا وإسرائيل، أضاف النحاس أن الوضع الاقتصادي في تلك الدول أفضل بكثير من مصر. في حين يُعاني المواطن المصري من سياسة تقشف تمس الاحتياجات الأساسية والخدمات العامة، كما يتزايد عدم وجود دعم للسلع.

ويبدو أن تصريحات الحكومة بشأن اقتصاد الحرب قد تؤدي إلى آثار سلبية على السياحة والاستثمارات الأجنبية والمحلية، حيث أن رأس المال يتحرك بحذر في أوقات عدم الاستقرار.

كما أوضح النحاس أنه لا يصح فرض اقتصاد الحرب في ظل عدم وجود أي صراع عسكري فعلي. فكيف يمكن للدولة أن تدعم التحول من الدعم العيني إلى النقدي بينما تدعي أنها في حالة حرب؟

وفي سياق متصل، يرى الخبير الاقتصادي رشاد عبده أن ما تم طرحه لم يكن موفقًا، حيث يجب أن تُبنى أحكام “اقتصاد الحرب” على ضرورة المواجهة العسكرية، وهو ما لا يحدث حاليًا. كما تساءل عبده عن جدوى استثمار الموارد في تسليح غير ضروري في ظروف السلم.

ويميل عبده إلى تأكيد أن تلك التصريحات من شأنها التأثير سلبًا على السياحة والاستثمارات، وأن البنك الدولي لن يرحب بمثل هذه الاتجاهات المروجة للاقتصاد الحربي.

واختتم عبده بالتحذير من أن التصريحات المترددة حول “اقتصاد الحرب” تعكس فشلًا في توجيه رسالة واضحة للمواطن والمستثمرين، مضيفًا أن على الحكومة معالجة القرارات المالية والمخاطر الاقتصادية بحذر، وتجنب التصريحات التي تثير عدم الاطمئنان.