تعتبر أسعار الغاز الطبيعي من العناصر الأساسية في الاقتصاد العالمي، حيث تخضع لتأثيرات سياسية وجيوسياسية متعددة. وفي الفترة الأخيرة، شهدت هذه الأسعار تقلبات ملحوظة، وقد أشار أحمد الإمام، الخبير الاقتصادي، إلى أن هذه التقلبات ناتجة عن أحداث متنوعة، من بينها الصراع بين إسرائيل وإيران، والحرب في أوكرانيا، والتوترات القائمة بين روسيا والغرب.
وأوضح الإمام، في تصريح لـ’الأمل نيوز’، أن تصاعد التوترات المتبادلة بين إسرائيل وإيران قد أثار قلقاً بشأن استقرار إمدادات النفط في المنطقة.
تأثير التوترات الإقليمية على الاقتصاد المصري
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة ‘التايمز’ في 4 أكتوبر 2025، ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في أكثر من شهر بسبب المخاوف من الهجمات المحتملة التي قد تشنها إسرائيل على المنشآت النفطية الإيرانية، حيث بلغ سعر خام برنت 77.54 دولارًا للبرميل، مسجلًا ارتفاعًا بنسبة 5%.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن إيران تُعتبر مصدرًا رئيسيًا للنفط، إذ صدرت نحو 1.32 مليون برميل يوميًا في العام الماضي. ومن المتوقع أن تؤدي أي تعطيلات في الإنتاج أو التصدير الإيراني إلى تفاقم التوازن بين العرض والطلب في الأسواق العالمية، مما يسهم في رفع الأسعار.
وتوقع الإمام أن تنخفض الأسعار بعد تنفيذ الضربات، خاصة مع بدء إعادة فتح التداول يوم الاثنين عقب الأعمال العسكرية الإسرائيلية الأخيرة. كما أشار إلى أن هذه الهجمات لم تؤدِّ إلى انقطاع في إمدادات الطاقة، وكانت جزءًا من رد إسرائيل على هجوم صاروخي إيراني في 1 أكتوبر.
وأضاف أن العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي قد ارتفعت بنسبة 4% الأسبوع الماضي في ظل ظروف تداول متقلبة، مبرزًا أن الرد الإسرائيلي على الهجمات الصاروخية الإيرانية وحالة عدم اليقين بشأن الانتخابات الأمريكية القادمة قد ساهمت في تقلبات السوق.
توقعات مراكز الاستشارات العالمية
واصل الخبير الاقتصادي حديثه حول التحديات الحالية، مشيرًا إلى أن حالة عدم اليقين العالمية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية والصراع على النفوذ بين الشرق بقيادة الصين وروسيا والغرب بقيادة الولايات المتحدة، فضلاً عن النزاع الإسرائيلي على غزة ولبنان، تَدفع المخاطر على إمدادات النفط في المنطقة. تلك الأحداث تمثل تهديدًا محتملًا لاستقرار الأسعار.
كما تباينت توقعات مراكز الاستشارات العالمية، حيث أفاد بنك جولدمان ساكس أنه من المتوقع أن يبلغ متوسط أسعار النفط 76 دولارًا أمريكيًا للبرميل في عام 2025، بفعل زيادة العرض التدريجي والطاقة الإنتاجية المفرطة في الدول المنتجة الرئيسية، بالإضافة إلى انخفاض المخاوف المتعلقة بانقطاع الإمدادات الإيرانية.
بدوره، توقع بنك ING أن تصل أسعار النفط إلى ذروتها في الربع الثالث من عام 2025، حيث يُقدر سعر خام برنت بـ 88 دولارًا للبرميل، قبل أن يبدأ في التراجع خلال الربع الرابع من العام الحالي والعام المقبل.
تخفيضات العرض الطوعية لـ”أوبك+”
وكشف الخبير الاقتصادي أن هذه التخفيضات تعتمد على افتراضات بانتهاء تخفيضات العرض الطوعية لـ’أوبك+’ في الربع الرابع من عام 2025، واستجابةً لنمو العرض المتوقع من دول خارج ‘أوبك+’ لتعويض الزيادة المحتملة في الطلب العالمي.
في المقابل، وفقًا لتوقعات وود ماكنزي السابقة، من المتوقع أن يبلغ متوسط أسعار النفط حوالي 90 دولارًا أمريكيًا للبرميل في عام 2025. ومع ذلك، قد تؤدي المستجدات الجيوسياسية الأخيرة إلى مراجعة هذه التوقعات. بالنسبة لمصر، كدولة مستوردة للنفط، فقد تؤثر تقلبات الأسعار العالمية على تكاليف الاستيراد والميزان التجاري. لذا، يُنصح بمراقبة التطورات الدولية عن كثب واتخاذ التدابير اللازمة للحد من آثار تقلبات الأسعار.
تأثير التغيرات العالمية على الاقتصاد المصري
حول تأثير التغيرات العالمية على الاقتصاد المصري، أوضح الخبير الاقتصادي أنه يُمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1. زيادة تكاليف الاستيراد: حيث إن ارتفاع أسعار النفط عالميًا يُؤدي إلى زيادة تكلفة استيراد هذه المواد إلى مصر، مما يؤثر سلبًا على الميزان التجاري ويعزز من عجز الموازنة العامة.
2. ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء: وأضاف أن زيادة الأسعار تُترجم إلى ارتفاع تكاليف الوقود والكهرباء محليًا، مما يزيد من تكاليف الإنتاج والنقل، وهذا بدوره ينعكس بشكل سلبي على أسعار السلع والخدمات، مما يسهم في ارتفاع معدل التضخم.
وأكد أنه على الرغم من الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود والكهرباء، يُتوقع أن تزداد الأسعار خلال الفترات المقبلة، وفقًا للاتفاقيات مع صندوق النقد الدولي بشأن تحرير أسعار الطاقة. إلى جانب ذلك، تتأثر مصر بتكاليف الشحن والنقل الإضافية للوقود المستورد، مما يؤدي إلى ضغوط تضخمية إضافية.
في ظل التوترات الجيوسياسية المستمرة، لاسيما في مناطق الشرق الأوسط وأوروبا، يُتوقع أن تظل أسعار الطاقة متقلبة. وقد يؤدي ذلك إلى زيادات محتملة في الأسعار محليًا، مما يتطلب من الحكومة المصرية اتخاذ إجراءات للتخفيف من آثار هذه الزيادات على الاقتصاد والمواطنين، وهو ما سينعكس على أسعار المستهلكين للوقود والكهرباء. لذا يُتوقع استمرار هذه التأثيرات في المستقبل القريب، مما يستدعي متابعة دقيقة وتخطيطًا استراتيجيًا لمواجهة تحديات هذه الظروف.